18 ديسمبر 2012 ·
رحيق الختام
من المفكرة — فاتتنى الطيارة
طلب منى إخوة كرام على رأسهم محمد عبدالقادر من الإمارات إمارة العين بالكتابة فى الجانب الإجتماعى لأن الإحباط إكتنف بعض مظاهر حياتنا السياسية والرياضية ، ونقول للأخ محمد وغيره من الأحباب — الطالب غالى والطلب رخيص ، ويحلو الكلام على الدوام عن شعبنا الطيب المضياف الذى يزخر قاموسه بطيب الخصال وكرائم الأعمال ، كما يحتوى هذا القاموس على بعض السلبيات وسوف نتطرق لبعضها والكمال لله وحده ، ويرى بعض أهل البحث العلمى أن تميز الشعب وتفرده مرده لتربية الحبوبات التى تجعلنا ننشأ على الطيبة والتسامح والتقوى والمسالمة ، وتربية الحبوبات أفضل من المربيات ودور الحضانة ، ونحن فى السودان لانردد كلمة الجدة وإنما جعلنا إسم الجدة مشتق من كلمة الحب ، فالحبوبة منبع الحكمة ومصدر الحنان ، ومن سلبيات هذه التربية أنها تقتل فينا روح الطموح وعدم الإعتراف بالأخطاء ، فتجد الحبوبة تمنع الطفل أن يعاقب وقت الخطأ وتكون عملية (الدلع) هى السائدة فى حياتنا وإن لم نشعر بها ، فمعظم شعبنا تجده فى حياته اليومية يحاول أن يبرئ نفسه على الدوام ويجد لها العذر ، ونحن كما قال الرئيس الراحل نميرى ( أننا شعب ملول ) فتجد أحدنا يترك العمل ويكون المبرر والله قفلت معاى !!
طبعاً مافى زول بقول ليك قفلت معك ليه !! لأن قفلت معاى عذر مقبول للجميع ، قفلت خلاص قفلت !!
وتجد المبررات تنهال عليك يازول خيرها فى غيرها والله ماشق حنكاً ضيعو وغيرها من المسكنات والمهدئات ، أما إذا سار أحدنا ولم ينتبه لنفسه وإصطدم بالجدار لايلوم نفسه وإنما يقول ( دقشتنى الحيطة !! ) تخيلوا !!
كأنما الحيطة تحركت من مكانها و صدمت هذا الشخص ورجعت ، أما إذا أخلفنا المواعيد ونحن شعب لايحترم الزمن فتجد أحدنا يقول لك أنتظرنى الساعة سبعة لحدى الساعة تمانية إذا ماجيتك الساعة تسعة أمش ماتستنانى ، حتى لو كان الزمن مهماً فى تحديد أمور هامة تجدنا نتجاهله ونجد لنفسنا العذر والمبررات ، فالشخص الذى يريد السفر و لكنه ينوم حتى تقلع الطائرة تجده يقول ( فاتتنى الطيارة !! ) — إتلومت الطيارة ماكانت تفوتك !!
ومن طرائف أهل المتمة بمناسبة الطيارة أن العم عبدالرحمن أبشر — رحمة الله عليه —
كان من ظرفاء المتمة و كان حمامة مسجد يطرب الآذان و هو ينادى للصلاة من مسجد ود الحملى ، و كان رحمه الله
رجل مثقف و رياضى و حكم درجة أولى و كان يعشق الهلال بشغف و حدث أن كان رجل خط لمباراة فى بورتسودان فى ثمانينات القرن الماضى بين الهلال و حى العرب — و عندما أحرز الهلال هدفاً رائعاً نسى ود أبشر نفسه و وضع الراية تحت إبطه و أصبح يصفق مع جماهير الهلال — فكانت هذه الحادثة سبباً فى شطبه من دائرة التحكيم ، و كان العم عبدالرحمن أبشر مثله مثل كثير من الناس يخاف ركوب الطائرات فأقنعه بعض الأصدقاء بأن الطائرة للخرطوم زمنها بسيط كلها ساعة وتكون فى الخرطوم — و فى النهاية توكل ود أبشر على الحى القيوم و صعد الطائرة ، فقالت المضيفة — إن الكابتن جبر الدار يحييكم و يتمنى لكم رحلة سعيدة — فصاح بها العم عبدالرحمن — جبر دار شنو كمان البحيينا و يتمنى لينا رحلة سعيدة !! وين الكباتن الخواجات ناس توماس و جون فضجت الطائرة بالضحك ، الرحمة و المغفرة للعم عبدالرحمن أبشر
—
و إلى اللقاء فى مفكرة قادمة نترككم فى حفظ الله ورعايته
✍محمد عثمان الجعلي
رحيق الختام