حوش المك
✍الشريف عبد السلام مصطفى عثمان الأمين
ما جاء فى أخبار المك بشير ود عقيد و إبنته السرة و زواجها من الأمين ود منصور و حوش المك
حوش المك مركز السلطة و الملك و مسكن مكوك السعداب فى ( المتمة ) لأكثر من ثلاثمائة عام
داخله و أمامه كانت تعقد إجتماعات المشورة و الرأى فيما يخص البلد و القبيلة و الأهل
و أمامه كانت ترفع الرايات و يدق النحاس و تحشد القوات
و كان آخر من سكن فيه من مكوك السعداب المك مساعد و هو : مساعد ود سعد ود إدريس
ود عبد السلام ود الفحل ود بشارة ود الفحل ود سليمان ود إدريس ود سعد أبو دبوس جد
السعداب بن عبد السلام بن عبد المعبود بن عدلان بن عرمان
إنتقل بالشراء :
إنتقل حوش المك إلى ( المك بشير ود عقيد) بعد أن اصبح مكاً لعموم الجعليين عام ١٨٢٤ م .
كما آلت : البيوت حوله إلى بعض من أفراد أسرته من أسرة آل عقيد
لكن حوش المك لم يسكن فيه المك بشير بصفة دائمة . إذ كانت معظم إقامته أثناء شياخته على الجعليين
فى ( شندى ) . و لكن كان حوش المك منزلته إذا حضر أو عبر ( بالمتمة ) كما أن الحوش خلال
فترة مكوكيته ، سكنه من طرفه : بعض كبار الموظفين الأتراك كما كان منزلة و ضيافة لكبار
موظفى الأتراك فى مرورهم عبوراً بالمتمة
و قد زوج المك بشير ود عقيد أولاً إبنته (السرة) فى شندى الزواج الأول : حوالى عام 1850 م إلى إبن اخيه
( أحمد ود محمد ود عقيد ) . و ولدت منه فى( شندى ) أبنائها الثلاثة : محمد و ملكة و حليتى
و لكن أحمد إبن أخ المك بشير و زوج إبنته ( السرة ) إختلط مع شباب الأتراك فى (شندى ) ففسدت أخلاقه
روى: عمنا الشيخ مصطفى الأمين ، أن السرة و والدتها ( مدينة ) التى ترجع أصولها إلى الشبيلية و قوز
بدر و كانتا فارستين على حد قول عمنا : الشيخ مصطفى الأمين ، و كانوا أهل دين و تقوى .
و لما تعبت السرة بنت المك و أمها من إصلاح إبن أخيه ( أحمد ود محمد ) إنتظرت هى و أمها
حضوره منتصف الليل و هو ثمل ، فرموه على الأرض و جلستا على ظهره . و أرسلت ( السرة )
أحد الرقيق إلى والدها المك بشير تطلب حضوره حالاً فتم إيقاظ المك بشير من نومه فحضر
منزعجاً و شاهد المنظر ! طلبت ( السرة ) من والدها أن يطلقها من إبن اخيه . راجعها المك بشير
و لكنها أصرت و رفضت إلا أن تطلق أخيراً قال لها المك بشير ( قومى خلاص يا السرة إنت طالق )
و بعد ذلك حسب الشرع الإسلامي أجازه إبن اخيه على هذا الطلاق .
و حوالى خريف عام 1855م كان المك بشير فى ( المتمة ) وهو مسافر إلى الخرطوم مع بعض من خاصته .
تحرك هو و جماعته من المتمة ظهراً فى جو ممطر و مروا على (الكرماب ) و لما تعدوا وادى (الشطيب )
نزل مطر شديد و سالت الأودية حتى تعذر لهم الرجوع إلى الكرماب فنزل المك و أتباعه ضيوفا فى أب رماد
منازل أولاد منصور ود الفكى على . و ذكر لى عمنا : منصور عثمان الأمين . ( أنهم فى صغرهم كانوا قد
رأوا هذه المنازل ) . نزل المك بشير و حاشيته فى بيت جدنا الأمين ود منصور و كان عُمر الأمين ثمانية عشر
عاماً يعيش مع والدته فاطمة بنت العوض ، عوضية جدها الشيخ سلمان شيخ العوضية ,أكرمت فاطمة
و والدها الأمين المك بشير و جماعته إكراماً قيل ذبحت لهم ناقة وحيدة لها. فسر المك بشير سروراً
عظيماً من هذا الكرم الفياض حتى عرض على فاطمة أن يزوج إبنته السرة إلى إبنها الأمين و كانت
( السرة) أكبر من ( الأمين ) بستة سنوات أو أكثر . و تزوج الأمين ود منصور (السرة ) بنت المك بشير ،
و ولد منها أبنائها الثلاثة ، مصطفى و عثمان و بشير
بعد ولادة الإبن الثالث ذهب والدهم (الأمين ود منصور ) فى تجارة له إلى الجزيرة و أصابته الحمى
فتوفى مع أخواله فى المسلمية .
ذهبت بعدها (السرة ) مع أولادها الستة إلى الشبيلية مع والدتها و قريب من والدها (المك بشير ود العقيد )
الذى إختار العقدة مكانا لأقامته الأخيرة مع أبنائه الآخرين من زوجات ثلاثة , و لكن بعد عدة سنوات
قررت ( السرة ) الرجوع مع أولادها إلى الشطيب و ذكر سببآ لذلك أنها إنزعجت إذ أصبح أولادها
من الأمين ود منصور ينادون فى الجزيرة الشبيلية : أولاد السرة فقالت الصحيح أن يتربوا وسط
أهلهم وقبيلتهم , فركبت المركب و نزلت فى ( الشطيب) و نزلت مع جدتهم فاطمة بنت العوض .
بعد سنوات قليلة توفى المك بشير ودعقيد فى العقدة . و كان نصيب (السرة ) من الميراث
حوش المك و أراضى زراعية فى المتمة و إستقل أخوانها الآخرين من والدها بالأراضى فى
العقدة والجزيرة الشبيلية
إنتقلت (السرة ) بعد ذلك مع أولادها الستة إلى السكن فى حوش المك و معهم جدتهم
فاطمة بنت العوض و كان بيتها ما سمى بعد ذلك ( بيت أبودقن ) بعد وفاتها كانت فيه
إبنتها ملكة ثم إلى عائشة بنت ملكة ثم إلى إبنها عبدالرحيم أبودقن ثم إلى إبنتهم ملكة
ثم إلى عاصم ود السيد و أخوانه
حوش المك
(حوش المك ) الأساسى حتى مغادرة المك مساعد .كان يتكون من ( البلو ) وهو الديوان و المضيفة و البنايات التى يحدها الشارع الضيق حولها إلى أن تصل إلى بيت ابو الدقن من الناحية الثانية ………أى البلو ثم ديوان هشام ( ديوان مصطفى عثمان القديم ) و بيت حليتى ( آمنة الشيخ سابقاً) و بيت اللقية ( بنات نفيسة بنت الأمين ) و بيت أبوعبيدة ( مصطفى ود الأمين ) و أخيراً حوش ( أبودقن )
( البلو). قايم إلى اليوم فى شكله العام كما غادره المك مساعد عام ١٨٢٢م . ، شاهد على تاريخه القديم المجيد . و إن كانت طالته بعض أيادى الترميم ، و كان آخر من صانه من غير تغيير فى شكله العام كان هو عمنا : الشيخ مصطفى الأمين فى سبعينات القرن الماضى . إلا أن مظهره تغير حديثا بعض الشئ بعد أن تحول إلى روضة أو مدرسة قرانية . – ( البلو ) يتكون من حجرتين و بينهما صالة . و أنت داخل إليه من بابه من الجنوب . أمامك مبنى الحجرتين و بينهما الصالة تتوسط الغرفتين ، الصالة و الحوش أمامها كان المكان الذى يتواجد فيه المكوك قديماً صباحاً ومساءً ، يقابل فيه الزوار و يتناول فيه الطعام مع الأهل و الضيوف و غيرهم
الحجرة اليمنى كانت مجلس و ضيافة خاصة و مبيت وقت برودة الجو
الحجرة اليسرى كانت تستعمل مخزناً يخزن فيها بصورة خاصة شوالات الذرة و الويكة و أغراض أخرى
أمام (حوش المك ) من ناحية الجنوب كانت فسحة كبيرة فيها زريبة البقر و الغنم و الحمير و فيها بيوت الرقيق و منها ترى الكرو و البحر لم يكن هناك مبانى تحول بين الرؤية
و كانت هذه الفسحة السوق القديم خلال عهود السلطنة الزرقاء قبل أن ينتقل السوق منها فى عهد التركية إلى قرب سوق القش و بعدها أيام الإنجليز إلى مكانه الحالى
و ظلت هذه الفسحة هكذا حتى بعد إنتقال السوق إلى مكانه قرب الكرو ، ثم قام عثمان ود الأمين بتخصيص الأراضى شمال (حوش المك) إلى الرقيق ، و هدمت بيوت الرقيق من الفسحة و نقلت معظم المواشى إلى الشطيب و وزعت جزء من هذه الفسحة لبعض من أهل المتمة و قام الشيخ مصطفى الأمين بعد وفاة عمه عثمان ود الأمين بالإستفادة بجزء من الفسحة أقام عليها ديوانه و بيت إبنته علوية
كان قديماً حوش المك له باب واحد من الحراز . و كان قديماً الناس تسافر بالحمير و الدواب خاصة بالليل . لذلك كان يترك فى (البلو ) اللبن و الكسرة و القصب للحمير ، و يدخل (المك ) يبيت مع أهله فيأتى المسافرون المارون ليلاً يجدون الطعام لهم و لدوابهم و ربما يغادرون فى ليلهم لا يقابلون المك
عثمان ود الامين ألغى باب الحراز و فتحت بعد ذلك أبواب فى أنحاء الحوش خاصة بعد زواج بناته
بعد وفاة (المك بشير ) و تقسيم ورثته بين أولاده كان نصيب ( السرة إبنته ) حوش المك و لها ستة أولاد ثلاثة : من إبن عمها زوجها اأاول أحمد ود محمد : ولدت منه أولادها محمد و ملكة و حليتى . و ولدت من الأمين ود منصور : مصطفى و عثمان و بشير
سكنوا جميعاً حوش المك بعد وفاة جدهم المك بشير و معهم جدتهم والدة الأمين ود منصور : فاطمة بنت العوض ، و كان منزل ، السرة هو بيت أبودقن الذى إنتقل بعد السرة : إلى إبنتها ملكة ثم إلى إبنتها : عائشة ثم إلى إبنها : الحاج أبودقن : ثم إلى إبنته : ملكة ثم إلى إبنها : عاصم سيد عثمان و أخوانه
توفيت (السرة بنت المك بشير ) فى هذا المنزل فى حوش المك و توزعت ورثة البيت بين أبنائها الستة إلا أنه كان ميراث مودة و محبة و إلفة ما كان تقسيماً هو الحال اليوم بالمتر و السنتيمتر !!سكن البعض من الإخوة فيه و بعض لم يسكنوا و تركوا نصيبهم لأخيهم عثمان ود الامين
و كان حوش المك بعد وفاة والدتهم ( السرة ) تحت رعاية إبنها عثمان ود الأمين :
مصطفى ود الأمين إلتحق بالمهدية و أصبح أميراً مقرباً من المهدى و الخليفة عبدالله التعايشى و تزوج من ناس طلق النار فى أمدرمان بجانب زوجته فى المتمة آمنة بنت أبونخيلة و كان صاحب تجارة و سفر . و هو كان إمتثل لتعليمات الخليفة عبدالله قبيل كتلة المتمة و نقل إخوته و أهله إلى حوش بانقا . و إستشهد فى سرية من سريات المهدية ذهبت تناوش جيش الإحتلال عند وصوله نهر عطبرة ( أنظر كتاب مكى شبيكة ، السودان عبر القرون ). و ذهب قول بعض المغرضين أنه قتل فى كتلة المتمة و لكن هذا غير صحيح تماماً . !!
و بشير ود الأمين تزوج (السرة) بنت الأرباب من حوش بانقا و إستقر فيها و كان له فيها زراعة و أراضى لذلك لا وجود له يذكر فى حوش المك إلا زواج إبنه الشيخ ود بشير من إبنة عمه نفيسة بنت عثمان
كان فى حوش المك أول الأمر : بئر واحدة الموجودة فى حوش أبودقن ، يستقى منها ناس حوش المك يفتح عليها من ناحية الشرق خلف ( البلو ) بيت عثمان ود الأمين كانت فيه زوجته : آمنة بنت أب شعر والدة مصطفى عثمان و أخوته
و كان شرق ( البلو ) ترعة تتجمع فيها المطر فى الخريف . إستصلحها الشيخ مصطفى الأمين فيما بعد و بنى فيها أولاً : بيت زوجته الأولى ستنا والدة إدريس ثم سكنت فيه حاجة التومة و أصبح يسمى بيت حاجة التومة
ثم بنى الشيخ مصطفى بعد ذلك بيت حليتى و جزء من بيت آمنة بنت أب -.شعر ، منزلاً لأبنته آمنة و زوجها حسن الأمين و أصبح يسمى بيت آمنة
ثم لما تزوج : الأمين ود مصطفى من ملكة بنت عثمات الأمين إقتطع له شمال حوش المك منزلاً و أضيف له لاحقاً مساحات لإبنتيه: اللقية و نفيسة و سكن مصطفى ود الأمين فى جزء من بيت والدته ملكة بنت عثمان
و لما تزوج عثمان ود الامين من بنت سالم إشترى بعض بيوت من أولاد عقيد أسكن فى بعضه بنت سالم و زوجته والدة نفيسة و ست البنات و بعد ذلك قسم البيت بين نفيسة و ست البنات و أولادهم
إشترى مصطفى عثمان لأخته فاطمة أرض : أحمد ود محمد ود عقيد و حفر لها فيها بئر .
إنتهى…….من أخبار المتمة و حوش المك
و هذا ما جمعناه … و بالله التوفيق